سفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة
 

سفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة

والمندوبية الدائمة لدى جامعة الدول العربية

آخر تحديث بتاريخ 20/4/2024 --- الساعة 6:2:30 ص

بحث عام

menu

 

المفكرة الثقافية لـ - April 2024

المفكرة

<< >>
   1  2  3  4  5  6
 7  8  9  10  11  12  13
 14  15  16  17  18  19  20
 21  22  23  24  25  26  27
 28  29  30    

 

    * المركز الثقافي اليمني > أنشطة

ارسل لصديق اطبع هذه الصفحة

ملحمة النصر في المركز الثقافي اليمني


إبراهيم أبو طالب - القاهرة
هنالك كانت الكلمة تصنع الدهشة ، وترسم المشاعر ، بأوتار فنان يمتاز بأنه نبضٌ من الشعر الأصيل ، ملتزم بقضايا أمته كالتزامه بهوية الشعر العربي وزناً ، لأنه مجبول على الأصالة بحكم عمره الشعري الذي يمتدُّ إلى قرابة الألفين من الأعوام منذ وقف امرؤ القيس على الأطلال يرسمها كلحظة في اصطياد المكان قبل أن يتلاشى في العدم ، حتى كتابة زهير بن أبي سُلمى لحولياته وحكمياته في ذاكرة الرواة من مدرسته ؛ مدرسة المنقحين لشعرهم ، مرورًا بفلسفة المعري وتجديد أبي تمام لعمود الشعر ، وغناء البحتري حين أراد أن يشعر فغنّى ، إلى واسطة العقد في مسيرة الشعر العربي ذلك ( المتنبيّ ) العلامة الفارقة المميزة في نهر الشعرية العربية لأنه حداثيٌّ حتى النخاع ذلك الشاعر الذي ما تزال قصائده و أبياته المفردة تجري في عروق الذائقة العربية حتى الساعة :

إذا غامرت في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجومِ
فطعم الموت في أمر حقير ... كطعم الموت في أمر عظيم

أيةُ همةٍ تُحركُ هذا الرجل !! ، هذا العظيم أبو الطيب سيظلُّ شاعرا عملاقًا على الرغم من سهام التقزيم والجلد التي تحاول أن تسلبنا كل جميل وترمي مسعاه بتهم البحث عن الإمارة أو المال ، بل إن المتنبي لذروة من ذرى الحرف العربي المعجز : تلك أبياته تدلّ عليه .. فانظروا بعده إلى أشعاره

حضورنا العربي / الإنساني في التاريخ حضورٌ إبداعيٌ معجزٌ بالكلمة التي هي سرّ من أسرار ( كن فيكون ) فضلا عن إشعاعها النوراني الذي فتح العقول والقلوب والأصقاع بسر الكلمة أيضا ، هذا النهر العريق المتجدد من الشعر العربي يجري من الفرات ودجلة ، وتردفه سيول جبال اليمن وسدها العريق ( سد مأرب ) ، ويرجع صداه من المغرب متوشحاً بموشحاتها العذبة عذوبة الطبيعة فيها وتجدد إنسانها يتدفقُ كلُ ذلك ليصب – في رحلته – ويلتقي بنهر النيل بشعرائه منذ البارودي وحافظ وشوقي الذي نستظلُّ الليلة بجوار كرمته ( كرمة ابن هانئ ) ، ونستشعر خوالده العظيمة مرورا بلاءات أمل دنقل ، ورباعيات جاهين ، ومدن حجازي ، وترنيمات بخيت ، كل ذلك هو ما يشكل للشعر العربي تراثه ووجوده الممتد ، ومن يفهم هذا التراث جيدًا ، يفهمْ معنى الشعر وقيمة الشعرية العربية ، ومن ينبتَّ عنها فإنه لا تراثًا أبقى و لا حاضرًا صنع .

والشاعر عبدالرحمن يوسف الذي استضافه المركز الثقافي اليمني بالقاهرة في أمسية أدبية نيلية واحدٌ ممن عرفَ فلزم ، وقرأ ففهم ، وعَلِمَ فعلّم ، يفهم الشعر كشاعر لأن شعاره :

ليس صعبا أن تكتب الشعر يومًا ... إنما الصعبُ أن تعيش كشاعر

" نزفُ الحروف " منطلقُ تجربته ، ثم وَقَفَ " أمام المرآة " كي يفضحَ تشوهات المستبد ، ويغردَ مع سرب المظلومين لا ليواسيهم فقط ، بل ليستنهضهم ويفقِهَهم حقهم السليب ، وقد قرع بكأس الحرف المنير كأس مآسي الأوطان لتنطلق القصيدة العصماءُ " في صحة الوطن " ساخرًا بكل مغفلٍ يظن أنه بأصابعه سيغطي نور الشمس :

أعيش كلَّ شهور العمر في العفن .. لا فرق بين ربوع الشام واليمنِ
أريدُ أصلحُ في أرضي مفاسدَها .. لكنَّ سطوةَ سيفِ الأمن تمنعني
لم يسمحوا بدعاء الله خالقنا .. أو السجود لغير الحاكم الوثنِ
لكنهم سمحوا بالخمر أجرعها .. لذاك أجرعُها " في صحة الوطن ِ"

ويظل الشاعرُ الغَرِدُ محلقاً مع الحرف رافع الجبين ، نظيف اليد والسريرة – كغيره من الشعراء أنبياء قومهم – مرددا مقولته " لا شيء عندي أخسره " فما يخاف سوى من لديهم ما يخافون عليه / ومنه ، المال / والشعب ، وعلى الرغم من أنهم أصبحوا يلعبون مع الشعوب لعبًا " على المكشوف " حين استضعفوها وأصروا واستكبروا استكبارا ، لكن كل ذلك جعل الشاعر الشاب يحلم بالنقاء ، ولا يفقد الأمل ، ويسطر بالحرف ملحمة ما رسمه الأحرار من هذه الأمة هنالك في لبنان بالسيف والصاروخ والعقيدة ، فأعادوا شيئا من الكرامة وقالها مخاطبًا صقر العرب حسن نصر الله " اكتبْ تاريخ المستقبل " .

تفاعل جمهور الشعر في هذه الأمسية في إنصات واستمتاع بما شنف به الأسماع الشاعر عبد الرحمن يوسف بعدد من قصائده التي تقطرُ إحساسًا وعذوبةً وقوةً بالناس وعنهم ، ثم التقى الشعر بالصورة بالنغمة في عرض مسجلٍ عن آثار الحرب في بيروت في ربورتاج شعري بصوت الشاعر يخاطب أطفالاً بعمر الزهور في "غُمِّيضة" كانوا يلعبونها فأتتهم صواريخ العدو فقتلتهم وأدمتهم وخرَّبت ديارهم ومزقت بصلفها أشلاء موطنهم ، فكانت الصورةُ نابضةً هَزَّتْ مشاعر الجمهور ببلاغتها المقترنة ببلاغة الشعر ، ثم أعقب ذلك قراءة للملحمة الشعرية التي كتبها الشاعر وصاغ بها طروادة عصرنا في الجنوب ، وبتنويعاتها وزناً ومعنى وإلقاءً شدَّ محبي الشعر فرسموا معه " أوديسته " العظيمة ، وهو يحيي حزبَ الله وقائدَه الملهم سماحة السيد العربي " حسن نصر الله " في حرب العصر ضد اليهود ونصره المؤزر عليهم .

وهكذا يظل قدرُ الشعر الصادق مرتبطًا بالفعل العظيم وداعيًا إلى الفضيلة والكرامة ، تحيةً يمنيةً عابقة برائحة البن ، وشذا التاريخ ، وأصالة الشعر للشاعر المصري المبدع عبد الرحمن يوسف . ولمن أراد أن يتلمس جذوة إبداعه ، وقراءة عالمه ففي هذا العنوان www.arahman.net تجدونه هناك يكتب الآهات ويصوغ الرؤى.

 أعلى


 

 
 

سفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة

                            جميع الحقوق محفوظة لموقع سفارة اليمن بالقاهرة والمندوبية الدائمة لدى جامعة الدول العربية 2010